إطلاق تجريبي
6354
منذ سنتين
تنقسم الخطوات الأساسية في أي عملية تتعلق بكتابة مراجعة أو إنشاء أوراق بحثية، سواء كانت آلية الكتابة المتبعة هي الكتابة الإبداعية أم الكتابة العلمية إلى طريقتين رئيسيتين هما:
هو المجال الذي يعني أخذ النصوص الأدبية كانت أم العلمية، أو حتى جميع أنواع المواد المرئية والمسموعة بالحرفية التي أراد مؤلفها تشكيلها عليها. إذ يعمد الأشخاص إلى هذه الطريقة عادةً عند نقل معلومات علمية دقيقة لا تحتمل التغيير أو عند نقل نصوص دينية لا يجوز تحريفها أو تغيير ترتيبها.
النقل بتصرف وهي العملية التي يجري فيها الناقل تعديلات وتغييرات على المواد المرئية والمسموعة والمكتوبة، من أجل إعادة ترتيب المحتوى أو لإضافة أي تغيير في الأفكار الرئيسية فيه. وينقسم هذا النوع إلى ثلاث عناصر أساسية هي:
في هذه المرحلة يغير الكاتب ترتيب الجمل والمفردات، مع إعادة استخدام مفردات أكثر سهولة أو أكثر ملائمة للمجتمع المتوقع نشرها فيه. وتنتشر هذه العملية في المقام الأول عند نقل المعلومات، ولا سيما الأدبية منها من الكتب والمخطوطات القديمة، فيحاول الكُتّاب أن يحافظوا على بنية المعلومات الصحيحة وتسلسلها، لكن مع الحرص على جعلها مفهومة بشكلٍ كامل للقارئ.
تعدّ من أكثر العمليات شيوعًا واستخدامًا، وتقوم العملية في المقام الأول على تقليل حجم المعلومات، وذلك من خلال المفاضلة بينها واختيار أكثرها أهمية، مع التخلي عن المعلومات القليلة أو معدومة الأهمية.
وعلى الرغم من كثرة انتشار عمليات اختصار المحتوى المكتوب أو المرئي أو المسموع، إلا أنه يعدّ محتوى ناقصًا، وقد لا يتضمن جميع المحاور الأساسية والأفكار التي كان يشتمل عليها المحتوى الأصلي، بالإضافة إلى خلوّه من أي تعديل يذكر على نمط سرد المعلومات.
يصنّف التلخيص على أنه الوسيلة الأكثر أهمية من بين جميع وسائل نقل المعلومات بتصرف، يتماثل التلخيص والاختصار في تقليل عدد الكلام المستخدم، وتعدّ كل عملية تلخيص اختصارًا لكن العكس ليس صحيحًا. إذ يتفرد التلخيص بمنح الكاتب المقدرة على استخدام أسلوبه الخاص لإيصال قدر معين من المعلومات، بالتالي يمكن وصف التلخيص بأنه المزيج بين الاختصار وإعادة الصياغة.
فيعمل الكاتب على استخراج الأفكار الرئيسية الهامة من النص، ثم يعيد صياغتها بأسلوبه الخاص ليضمن سهولة استرجاعه لها، أو سهولة فهم الآخرين لها، دون تكبد عناء البحث لفترات طويلة عن المعلومات الرئيسية.
يعد الهدف الرئيسي لاتباع أساليب التلخيص عند الأفراد باختلاف تخصصاتهم، هو اختزال وتوضيح طرق عرض المعلومات، حيث يسعى الشخص المشرف على عملية التلخيص أو (الملخِص) إلى ترتيب المعلومات، دون إحداث أي خلل في طريقة إيصالها للقارئ من جهة.
بالإضافة إلى استخلاص أهم الأفكار والمعلومات، والتأكيد عليها لتسهل عملية مراجعتها من جهة أخرى. بلغة أخرى، يهدف التلخيص إلى خلق وسيلة فعالة في تبيان المعلومات، وتقليل الحاجة إلى الكثير من الوقت والجهد لاسترجاعها.
تنبع أهمية التلخيص في كونها آلية متكاملة، تمكّن الفرد من اختزال المعلومات وفهمها وتحديد أكثرها أهمية للتدقيق فيها دون غيرها. يتجلى ذلك بوضوح، لا سيما لدى الطلاب الذي يبادرون إلى احتراف مهارة التلخيص، بهدف الوصول إلى المعلومات الأكثر قيمة وأهمية، بالتالي ضمان النجاح والتميز دون الحاجة لصرف الكثير من الجهد والوقت.
قد يقع بعض الأفراد المقبلين على احتراف مهارة التلخيص في بعض اللبس بين عملية التلخيص والاختصار، تلك الأخيرة التي يُعدّها المؤلفون خلاصة أي موضوع قد تناولوه مسبقًا. هذا اللبس قد يؤثر على النتيجة النهائية لعملية التلخيص، بالإضافة إلى أنه يجعل الملخص ناقصًا إلى حدٍ بعيد لكثير من المعلومات التي كان من المهم وجودها لضمان احتواء الملخص على جميع الأفكار الأساسية. ويتمثل الفرق فيما يلي:
أولى الفروقات بين الملخصات والخلاصة هي كمية المعلومات المذكورة في كل منهما، إذ تحتوي الخلاصات غالبًا على رؤوس أقلام تساعد القارئ في معرفة الفكرة العامة للنص، لكنها ليست قادرة على إغناء المتلقي بالمعلومات الهامة أو الكافية حول موضوع المحتوى الأصلي.
تكون الخلاصة في معظم الأحيان عبارة عن بضعة سطور يرفقها المؤلف بالمحتوى الأصلي، وبالتالي فهي لا تحتوي على العديد من العبارات التي قد تساعد المتلقي في استيعاب المحتوى. بينما بالنسبة للملخصات، ففي بعض الأحيان يماثل حجم النص فيها تقريبًا حجم المحتوى الأصلي، فيما لو كان مليئًا بالمعلومات القيمة صعبة الحذف.
يختلف أسلوب واستراتيجيات إنشاء كل من الملخصات والخلاصات، فبينما تتمتع الملخصات بإمكانية إضفاء الطابع الشخصي للمؤلف على المحتوى. تكون الخلاصات غالبًا مأخوذة من العبارات والتراكيب الأصلية التي اعتمدها مؤلف المحتوى الأصلي.
تختلف عملية التلخيص باختلاف المحتوى المراد تلخيصه، فتلخص المعلومات تبعًا لنوعها وذلك باختيار طريقة العرض الأمثل لها. يأخذ التلخيص شكلين رئيسيين هما:
يعني مفهوم التلخيص السردي، تحويل الفقرات المكتوبة أو المسموعة أو المقروءة إلى سلاسل من المعلومات يسهل ربطها بذهن القارئ بشكل سريع، دون اللجوء إلى اتباع وسائل تصويرية أو اعتماد المخططات.
مثال على ذلك، اعتماد التلخيص السردي في بناء المحاضرات والندوات الثقافية والعلمية، حيث يتجنب الملخِصون عادةً التطرق إلى الأساليب المرئية، ويلجؤون إلى استخدام وسائل نثرية. تعتمد تلك الوسائل في أساسها على إعادة صياغة واختزال للمعلومات، ومن ثم سرد المعلومات بطريقة أقرب للقارئ، دون الابتعاد عن محتوى النص بشكل كبير.
يعتمد في المقام الأول على أسلوب الملخِص وقدرته على كسر الجمود المتعلق بالمعلومات، وذلك بغية تسهيل إيصالها وتمكين فهم القارئ لها، حيث ينقسم بدوره إلى أنماط هي:
قد يتطرق الأفراد في أثناء تلخيصهم لمحتوى ما إلى ما هو أبعد من مجرد سرد الفقرات، وذلك عن طريق استخدام الخرائط الذهنية التي يقومون ببنائها حول موضوع معين. ويكون ذلك بهدف الوصول إلى أسهل طريقة لعرض المعلومات وربطها ببعضها بعضًا، مع ضمان عدم ضياع أي جزء من المعلومات في أثناء تصويرها.
من الممكن أيضًا، استخدام وسائل أكثر حيوية من التلخيص النثري، إلا أنها أكثر سهولة من بناء خرائط ذهنية ومخططات كبيرة. إذ يقارنها ملخِص المعلومات في جداول مع ترتيبها حسب أهميتها ومدى ترابطها، في إطار قائمة تساعد على جعل القارئ أكثر قدرة على فهم المعلومات عند الرجوع إليها.
وفقًا لما هو متعارف عليه، فإن مهارة التلخيص تتعلق بصورة رئيسية بمعرفة المبادئ التي يقوم عليها التلخيص ككل. والتي بدورها تعرف بقواعد التلخيص الأربعة، وهي من الأمور الأساسية الواجب معرفتها:
تعني حذف جميع الجمل والتراكيب التي لا يؤدي فقدانها إلى حدوث أي ضياع في المعنى أو الأفكار.
تقوم على إنشاء جميل لاستبدال جمل أخرى، ولكن الشرط الرئيسي في بناء العبارات، هي أن تكون الجمل الجديدة قادرة على ملء مكان الجمل الأصلية، بالإضافة إلى كونها قادرة على إيصال المعنى والربط بين الأفكار دون أي ضياع فيها.
يوضح المؤلف الأفكار والمعلومات عبر الاستعانة بأمثلة معممة، يستطيع إسقاطها على أكثر من فكرة في وقت واحد. يعود الهدف الرئيسي من القيام بذلك إلى تقليل استعمال الأمثلة إلى الحد الأدنى، مع المحافظة على قدرة القارئ على فهم المحتوى واستيعابه.
على غرار القاعدة السابقة، تعني فكرة الدمج بشكل رئيسي دمج الأفكار المترابطة ببعضها بعضًا، بحيث يستطيع القارئ فهم جميع المعلومات المتعلقة بالأفكار بوقت واحد، دون الحاجة إلى الانتقال من بداية الملخص إلى آخره للوصول إلى الصورة الكاملة لأي فكرة.
قبل الإقدام على تلخيص أي محتوى مكتوب أو مسموع أو مقروء، ينبغي على المرء امتلاك معرفة ببعض النقاط الأساسية التي بدروها ستضمن له النجاح في الحصول على ملخص يحتوي النقاط الأساسية والأفكار الرئيسية دون ضياع أو فقدان فيها.
قبل البدء بعملية التلخيص لأي محتوى، يتوجب على الشخص أن يكون قادرًا على فهم واستيعاب المحتوى كاملًا، وذلك بهدف التمكن من التعرف على الأفكار الرئيسية والأفكار الفرعية، وترتيبها من حيث الأهمية والأولوية أثناء التلخيص.
ويتيح فهم المضمون في منح الفرد القدرة على اختصار الوقت اللازم لبناء الملخص كاملًا، مما يساهم في صب تركيزه على ترتيب الأفكار وفقًا لأهميتها، عوضًا عن خسارة الكثير من الوقت في محاولة تقسيم المحتوى إلى فقرات والعمل عليها.
من أهم القواعد التي ينبغي للملخِص التمتع بها هي القدرة على إجراء التعديلات في أي مرحلة من مراحل العمل، إذ من المحتمل أن يقع الفرد في أخطاء في أثناء نقل، أو إعادة صياغة المحتوى الذي يعمل عليه.
لا يمكن لأي شخص أن يلخص نصًا أو محتوىً ما دون أن يتمتع بقدرات على اختيار الألفاظ اللغوية المناسبة التي تساهم في الوصول إلى المعنى بأقل قدر ممكن من الكلمات. ويعد الاختصار والإيجاز في التعبير عن الأفكار، أحد الأسس الرئيسية في النجاح بعملية التلخيص، وفي الوصول إلى نص يخلو من الحشو والجمل الزائدة التي لا طائل منها.
بالإضافة إلى ما سبق، من الهام أن يعمل الفرد على تطوير مهارة الكتابة لديه ليكون قادرًا على تحويل أي محتوى لديه إلى نموذج مثالي يمثل عملية تلخيص ناجحة. إذ يمكن لأي شخص بغض النظر عن معارفه وخبراته السابقة أن يعمل على تطوير مهارة الكتابة لديه من خلال خمس خطوات رئيسية، إذ جلّ ما ينبغي فعله هو الالتزام بها لتحقيق النجاح المنشود.
قد يجد بعض الأفراد صعوبة في البدء في تطوير مهارات الكتابة الإبداعية لديهم، إذ غالبًا ما يجدون أنفسهم غير قادرين على معرفة الطريق الأمثل للبدء في ذلك، ولكن يمكن لمن يرغب في السمو بقدرات الكتابة الإبداعية لديه البدء من خلال الدليل المبسط لمعرفة ماهية الكتابة الإبداعية وأنواعها.
عند البدء بتلخيص محتوى ما، يستحسن للفرد أن يعرف ما يريد أن يقوم به على وجه التحديد، حيث تختلف استراتيجيات وطرق عملية التلخيص عن تلك المتعلقة بالاختصار أو إعادة الصياغة.
على سبيل المثال، عند إعادة الصياغة يتوجب على الفرد التركيز على انتقاء مفردات وتراكيب لغوية أكثر سهولة في الفهم والاستيعاب. دون العبث بترتيبه أو بمحتوى المعلومات، مع الحرص على نقل المحتوى بأمانة لتفادي أي فقدان في ترابط الأفكار أراده المؤلف الأصلي للمحتوى.
لكي نقول إن النتيجة النهائية لعملية التخليص قد أتت ثمارها، يجب أن يكون الناتج أبعد ما يمكن أن يكون عن الغموض والتعقيد. ويعد الهدف الرئيسي من اللجوء لعملية التلخيص لأي محتوى، هو محاولة الوصول إلى نسخة أقل حجمًا وكثافة من المعلومات. الأمر الذي بدوره سيساعد في زيادة قدرة القارئ على فهم واستيعاب المعلومات، التي قد يجد صعوبةً في تلقيها واستيعابها عند اللجوء إلى المحتوى الأصلي.
عند الوصول إلى نهاية الملخص، ينبغي للقارئ عند عودته ومقارنته للمخلص مع المحتوى الأصلي، ألا يلاحظ اختلافات كبيرة تذكر بينهما، هذه الاختلافات من الممكن أن تؤدي إلى اختلاف جذري في المعنى. إذ يعد الملخص وسيلة القارئ للحصول على المنفعة العلمية من المحتوى ولكن بشكل مكثف؛ أقل حشوًا وأقل استهلاكًا للوقت.
لا أن يكون الملخص يحتوي على معلومات جديدة بالكامل، تتجلى أهمية هذه النقطة في المحاضرات العلمية للطلاب، إذ من الممكن أن يؤدي أي تغيير طفيف في المعلومات إلى تغيير شامل في المحتوى، وبالتالي الوقوع في مشكلات قد تؤثر في درجاتهم النهائية.
يعدّ الهدف الرئيسي من الملخصات تقليل حجم المحتوى الأصلي لتسهيل قراءته واستخدامه، وبالتالي فإن أي زيادة على حجم المحتوى النهائي مقارنةً بالمحتوى الأصل، سيعني حتمًا فشلًا في إنجاز ملخص ناجح. بالإضافة إلى ما سبق، يتوجب على الملخِص أن يبتعد قدر الإمكان عن الإسهاب في شرح إحدى الفقرات على حساب الأخرى.
فالهدف الأول لدى الملخِص أن ينشئ ملخص يماثل المحتوى الأصلي من حيث التوسع في تبيان وشرح الأفكار. حيث يؤدي ذلك إلى انحراف محور الموضوع نحو الفقرة التي استطرد الملخِص للمحتوى فيها، ومنه فشله في إيصال ملخص ناجح شامل لكل محتويات النص الأصلي.
يتعلق احتراف مهارة التلخيص باتباع عدد من الاستراتيجيات، التي تحمل في طياتها المفاتيح الأساسية التي تجعل المؤلف قادر على صنع ملخص ناجح، متفاديًا الوقوع في الأخطاء والعثرات التي قد تجعل الملخص لا يحقق هدفه، أو يعاني من نقص كبير في ترابط أو محتوى المعلومات.
عند البدء بتلخيص أي محتوى، يتوجب على المؤلف في البداية أن يشكل تصورًا عن ماهية الملخص الذي يريد أن يصل إليه. فكما ذكرنا مسبقًا تتعد أشكال الملخصات، التي على الرغم من أنها تقوم على الأسس نفسها، إلا أنها لا بد أن تختلف عن بعضها. ويظهر الاختلاف بشكل جليّ وواضح، لا سيما في كيفية ترتيب الأفكار والمعطيات والمعلومات، بالإضافة إلى آلية عرضها وتمييز الفقرات الأساسية عن تلك الثانوية.
يعد فهم المعلومات التي ينوي المؤلف تلخيصها واستيعابها بشكل كامل من العوامل الرئيسية التي تساهم في الوصول إلى ملخص ناجح يحقق هدفه. فحتى يتمكن المؤلف من اختصار المعلومات غير المهمة وإزالة الحشو من أي محتوى، عليه في بادئ الأمر أن يفهم الأفكار الرئيسية التي يقوم عليها المحتوى، ويعمل على الحفاظ عليها ليتجنب الوقوع في الأخطاء.
يمكّن تحديد طبيعة التنسيق والتركيب في معرفة الشكل الذي سيؤول إليه الملخص، وبالتالي من الهام أن يحدد المؤلف مسبقًا التنسيق الذي يراه مناسبًا لإبراز المعلومات الأساسية التي يريد لملخصه أن يوضحها. ويساعد اعتماد تنسيق معين دون غيره في التركيز على الأفكار الرئيسية والمعلومات المهمة في الملخص، الأمر الذي يساعد القارئ على الاستفادة من الملخص بأقل جهد ممكن.
ليس من الضروري أن يكون الملخص فريدًا من نوعه، أو النموذج النهائي الأول، إذ من الممكن أن يحتاج الأفراد إلى أكثر من ملخص للمعلومات نفسها، يُعزى الأمر لاعتبار الملخصات وسيلة الكاتب الشخصية في التعبير عن أسلوبه الخاص في إعادة صياغة وترتيب المعلومات. فليس من الضرورة أن يكون كل ملخص هو منتج ملائم لجميع القراء، وبالتالي ينبغي للمؤلف الاطلاع على الملخصات الأخرى المتوفرة للمحتوى الذي ينوي تلخيصه.
والهدف من هذا الاطلاع مساعدته في تحديد نقاط الضعف في الملخصات الأخرى والعمل على تجاوزها، بالإضافة إلى معرفة مواطن قوة كل ملخص والاستفادة من الوسائل التي اتبعها المؤلفون الآخرون في إنشاء ملخصاتهم.
لا تعد عملية التلخيص من العمليات المعقدة، فهي لا تحتاج إلى قدر كبير من الخبرة، أو الوقت لإتمام بناء ملخص ناجح قادر على تحقيق هدفه في تجميع المعلومات وترتيبها وفقًا لأسلوب المؤلف، وإيصالها إلى القارئ بأفضل شكل ليتمكن من الاستفادة منها إلى أقصى حد.
تعد الخطوة الأولى في عملية بناء الملخص إحدى الإستراتيجيات الأساسية في عملية التلخيص، فمن الضروري لأي شخص مقبل على بناء ملخص لمحتوى ما، أن يكون قادرًا على تكوين الصورة الشاملة حول المعلومات التي يحتويها النص الأصلي.
بعد الانتهاء من فهم المحتوى وقراءته وتحليله، يصبح الآن المؤلف أمام مرحلة اختيار ومعرفة الأفكار الرئيسية وتمييزها عن تلك الثانوية، ما يساعده في المفاضلة بينها عند اختيار أهم الأفكار التي يريد مؤلف المحتوى ضمان إيصالها للقارئ، وبالتالي تفادي ضياع أي من المعلومات وبناء ملخص ناقص.
يقوم المؤلف بهذه الخطوة من خلال تقسيم المحتوى إلى أقسام فرعية متعددة، ليتمكن من وضع تصور مسبق لترتيب الفقرات التي يراه أنسب، بالإضافة إلى تحديد الفقرات التي عمد مؤلف المحتوى الأصلي للتركيز عليها، وبالتالي اعتبارها فقرات هامة تتطلب شرحًا إضافيًا وقدرًا قليلًا من الاختصار.
من أهم الخطوات في بناء ملخص ناجح هو الابتعاد عن تقليد أساليب الآخرين، إذ وعلى الرغم من أهمية الاطلاع على الملخصات الأخرى المتعلقة بالمحتوى إن وجدت، إلا أنه من الخطأ محاولة تقليد أسلوب أي من المؤلفين مهما كانوا محترفين.
حيث يتوجب على المؤلف إضفاء طابع شخصي يراه مناسبًا لإيصال وطرح الأفكار، وبالتالي ضمان وصول المعلومات بشكل سلس إلى المتلقي في حال رآها من ذات وجهة النظر التي عمد المؤلف على الرؤية منها.
عند الانتهاء من تخطيط وبناء الملخص، يعمل المؤلف على مراجعته بشكل دقيق، وذلك للتأكد من خلوه من أي نقص في المعلومات، والاهتمام بالتدقيق اللغوي والترتيب السليم للأفكار، لأن المؤلف غالبًا ما قد يبتعد عن أسلوب كاتب المحتوى الأصلي.
بالإضافة إلى ما سبق، يتأكد الملخص في هذه الخطوة من غياب الحشو والمعلومات الزائدة عن المحتوى الأصلي، إذ لا يريد أن يتحمل مسؤولية أي نقص أو زيادة في المعلومات.
تعد هذه الخطوة هي الأخيرة في عملية إنشاء ملخص متكامل، وتتضمن إعادة مراجعة وقراءة كلًا من المحتوى الأصلي والملخص. يكون ذلك بغية التأكد من أن جميع الفقرات التي لخصها المؤلف، تماثل في الأهمية ومدى التعمق في الشرح، نظيرتها الموجودة في النص الأصلي. ولا ينبغي للمؤلف أن يستطرد بالشرح في فقرة ما، لئلا يتحول محور المحتوى إلى مكان آخر، وبالتالي يعد ذلك عملية تعديل جذرية للملخص قد تؤثر سلبًا على نجاحه.
يعد امتلاك القدرات المناسبة لاحتراف مهارة التلخيص، إحدى الأمور الرئيسية القادرة على جعل أي شخص متمكن في المجال الذي يعمل أو يدرس فيه. إذ تتمثل فوائد التلخيص في كونها وسيلة تقدم العديد من الإيجابيات لمحترفيها أهمها:
إن استعمال التلخيص في مختلف مجالات الحياة -ولا سيما العلمية منها- قد ساهم في تقليل الوقت اللازم لمطالعة ودراسة المحتوى العلمي. إضافةً إلى ذلك، فإن الملخصات تتميز بتركيزها على المعلومات الأكثر أهمية وتمييزها للعناوين الرئيسية عن تلك الفرعية في المحتوى، ما يمنح القارئ القدرة على معرفة النقاط الرئيسية التي ينبغي له التركيز عليها دون غيرها.
إضافةً إلى المجالات العلمية والأكاديمية، يعدّ التلخيص من الوسائل الناجحة في المجالات العملية، إذ تساعد الفرق على تنظيم الأفكار التي خَلُصت إليها الاجتماعات، وتحديد المفاهيم والأهداف الرئيسية التي تحقق رؤية الشركة، والعمل على تحقيقها قبل الأهداف الثانوية أو قليلة الأهمية.
لا يمكن اعتبار أن النتيجة النهائية لعملية التلخيص شاملة لكل الأفكار والمعلومات الهامة، بالإضافة إلى كونها قادرة على إغناء القارئ إلى حدٍ كبير عن مراجعة المحتوى الأصلي، ما لم يكن الملخِص قد استطاع مسبقًا فهم جميع الأفكار واستيعابها.
إذ تعدّ مهارة التلخيص انعكاسًا لمدى قدرة المؤلف على فهم المعلومات، وصياغتها بأسلوب قادر على جذب القارئ والوصول إليه بأقل جهد ممكن، بالتالي فإن احتراف فن التلخيص يتطلب في المقام الأول، المعرفة الشاملة للموضوع المراد تلخيصه وفهمه بشكل كامل.
من الشروط الرئيسية أمام كل مؤلف، هي الابتعاد عن الحشو من أجل إنجاز ملخص يحتوي فقط على المعلومات المهمة، دون الكثير من الجمل والتراكيب التي لا طائل منها.
إذ تعدّ الملخصات في المجمل هامة بكل ما تحويه من معلومات، وذلك بسبب خلوها من التكرار والكلام المبالغ فيه، الذي لا يساعد إلا في توضيح صورة المعلومة، ويعمد المؤلفون عادةً إلى الإقلال من استخدام الأمثلة للحد الأدنى، منعًا من زيادة محتوى الملخص وسعيًا منهم لإنجاز ملخصات كافية، بأقل قدر ممكن من الجمل والعبارات الطويلة.
يلجأ الكثير من الطلاب إلى الاعتماد على الملخصات، سعيًا منهم للابتعاد عن مواجهة كثافة المناهج وضخامتها، ففي كثير من الأحيان يصبح الوهم تجاه حجم المواد، عائقًا أمام المحاولة في دراستها لدى الطلبة. وهنا تأتي فائدة الملخصات، التي تقدم المعلومات نفسها بإطار مكثف وأقل حجمًا، يضمن للطالب الاستفادة من النقاط الرئيسية التي يحتويها النص الأصلي، دون الخوف والوهم من ضخامة وكثافة المقررات.
على الرغم من اعتبار عملية التلخيص من المهارات السهل اكتسابها واحترافها نسبيًا، إلا أنه من الممكن الوقوع في عدد من العوائق التي تحول بين المؤلف وإنشاء ملخص ناجح قادر على تقديم كل ما يحتاجه المتلقي من المحتوى الأصلي.
يمكن اعتبار أن إمكانية إضفاء الطابع الشخصي سيفًا ذو حدين فيما يتعلق بمهارة التلخيص، حيث تختلف أساليب وطرق الكتابة الإبداعية بين الشخص والآخر، ما يضع بعض الأفراد في حيرة من أمرهم عند محاولتهم لفهم طبيعة الأسلوب والاستراتيجيات التي اتبعها المؤلف في ملخصه.
ينبغي لأي مؤلف يسعى لمعرفة السبب الذي دفع لوجود الحاجة لإنشاء الملخص في المقام الأول، يكمن في صعوبة عرض المعلومات أم صعوبة أسلوب المؤلف الأصلي، أم هو متعلق بطبيعة المعلومات. إذ في بعض الأحيان تكون المعلومات في المحتوى الأصلي صعبة ومعقدة قليلًا، ما يجعل عمل الفرد المقبل على تلخيص المحتوى الأصلي أكثر صعوبة.
يعد الهدف الرئيسي لعملية التلخيص تسهيل وصول المعلومات للمتلقي، لكن ليس جميع الأفراد على نفس السوية، فيما يتعلق بسرعة الاستجابة لطرق ومحاولات المؤلف، وبالتالي يتوجب على المؤلف أن يأخذ بعين الحسبان طبيعة الأفراد الذي قد يحتاجون ملخصه.
في بعض الأحيان، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بالمحتوى العلمي والأدبي، يمنع المؤلفون أي إجراء أو تعديل أو اقتطاع أو حذف أي مقطع من المحتوى في أثناء عملية التلخيص، يؤدي ذلك في المرتبة الأولى إلى إعاقة عمل المؤلفين في إنشاء ملخص للمحتوى الذي يريدونه، مما يدفع الكثيرين للعزوف عن المحاولة في هذه العملية ما لم تكن المعلومات متاحة بشكل كامل.
في الختام، تعدّ مهارة التلخيص من أكثر المهارات أهمية لكل من يريد البحث عن تنظيم الوقت المترافق مع التميز في مختلف المجالات، سواء كانت علمية أم عملية. حيث باتباع المنهج الصحيح في عملية التلخيص، يتمكن الفرد من إنشاء ملخصات قادرة -إلى حدٍ ما- على إغناء المتلقي عن العودة إلى المحتوى الأصلي والمقارنة بين المعلومات.
----------------------------------------------
طالب في طب الأسنان وهندسة المعلوماتية في آنٍ واحد. أحب الكتابة والتدوين في مختلف المواضيع.
-----------------------------
المصدر: خمسات