إطلاق تجريبي
2951
منذ سنة
لا رَيْبَ أنّ القراءة من أفضل الأشياء التي تكسب الإنسان علما وتقدمًا وتطورًا، مهما كانت وكيفما كانت وجهة طالب العلم دنيويًّا أو أُخرويًّا فلا بدّ أن يقرأ كي يصبح فاهمًا وعالمًا فيما يجهل، ومن باب أولى عند العلماء المسلمين أن يتعلم الإنسان المسلم ما يجهل من أمور دينه وشرعه، فمنهم من حثّ على قراءة الكتب الفقهية والحديثية الإسلامية وكتب العقيدة، لأن الكتب الدينية الإسلامية هي التي تصل المسلم بربه، ومن العلماء من قال: الكتب الدينية تؤخذ من أفواه العلماء، ومنهم من جوّز قراءة أو حفظ بعضها، ومن هذه الكتب المنصوح بها كتاب التوحيد، الذي يتكلم عن الله وصفاته، وكتاب بلوغ المرام في الحديث للحافظ ابن حجر، وكتاب الأربعين النووية وتتمتها لابن رجب.[١]
إن دلّ كتاب التوحيد على موضوعٍ فيدلّ على فقه وفهم الإمام محمد عبد الوهاب، وسعة علمه ودقّة نظره، وقد نال كتاب التوحيد قبولا ما له مثيل بين المسلمين، فقد انتشر انتشارا واسعًا وكبيرا، لِمَا فيه من الفائدة الكبيرة، ولتنظيمه ودقّة تبويبه، فجاء جامعا ومتعدّد الأبواب، جعل أوّل أبوابه قاعدةً من ثم قسّمه إلى أربعة أقسام:[٢]
ولج الإمام محمد في كتاب التوحيد طريق أهل السنة والجماعة العظماء، في دقيق منهجهم اعتقادًا واتباعًا، ومن عظيم برهانه وحجته وباعه الطويل في منهج السلف الصالح لم يترك لأعدائه مأخذًا واحدًا يستطيعون من خلاله نقد شيء من كتابه كتاب التوحيد، وذلك من عقله الراجح ومنهجه السليم، جاء الكتاب في الدعوة إلى التوحيد، ولا شك أن التوحيد هو من أجلّ العلوم الشرعية التي يتوجب على كل مسلم أن يعرفها ويفهمها، وقد بيّن الإمام في كتاب التوحيد منهجه، وبيّن منهج أهل الفرق التي خالفت كتاب الله وسنّة نبيه عليه الصلاة والسلام، وكما أنه تكلم الإمام في كتابه عن بناء القبور والأضرحة، وعن الإستغاثة بالأموات، وعن الكهنة والشعوذة والسحر، وعن الحلف بغير الله، وعن الحلف بالأمانة، وعن النفاق والرياء، فكل هذه الأمور لا يستطيع المسلم أن يستغني عن فهمها، فهي تلازم المسلم في حياته اليومية، وقد شرح الكثير الكثير من العلماء كتابَ التوحيد شروحا ذات فائدة ونفع، ومن أجملها شرح الشيخ ابن باز رحمه الله، وشرح تيسير العزيز الحميد، وشرح قرّة عيون الموحّدين.[٢]
احتوى كتاب التوحيد بيانَ عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو دقيق في دليله ومرجعه، وقد تُرجم إلى اللغة الأندنيسية، واللغة الإسبانية، واللغة الفرنسية، واللغة الإنجليزية، واللغة الفارسية، وقد أثنى عليه الكثير من العلماء فمن الأقوال التي جاءت عنه:[٣]
الإمام محمد بن عبد الوهاب بن علي بن محمد، يصل نسبه إلى مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ويتصل بنسب النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وِلد الإمام محمد بن عبد الوهاب في عام 1703م، في مدينة الرياض، وقبل أن يصل إلى عمر العشر سنين حفظ القرآن الكريم، وكان كثيرا ما يقرأ كتب الحديث والفقه وكلام العلماء المشهود لهم بالعلم، وغاص في علم التوحيد حتى فتح الله له ما فتح من علمه ومعرفته ولا يخفى كتابه كتاب التوحيد، فهو من أشهر كتبه، ولقد حاز من العلم الكثير وهو وقتئذٍ ما زال فتىً صغيرًا، وكان أبوه ذا علمٍ وكان قاضيًا، وجده من قبله كان قاضيًا، وكان بيتهم لا يخلو من العلماء وطلبة العلم، يعدّ الإمام محمد بن عبد الوهاب من العلماء الذين ساروا على نهج السلف الصالح، وعندما ذاع صيته وعلمه ذهب إليه محمد بن سعود وعقد معه تحالفًا وميثاقا، فمحمد بن سعود يسود البلاد، وهو يدعو إلى الله بالدعوة والجهاد في سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله. وقد وافته المنية في عام 1206هـ، فرحم الله الإمام رحمة واسعة.[٤]
للإمام محمد عبد الوهاب اجتهاد عظيم ويد بيضاء في العالم الإسلامي، وتشهد ذلك مؤلفاته التي تدور بين العلماء وطلبة العلم إلى يومنا هذا، ولقد شهدت له كتبه بعلمه الغزير، وبفقهه الواسع، فهو من العالِمين العاملين، ومن المجددين المجتهدين، وهذا بعض من مؤلفاته المشهورة:
هناك من العلماء الكثير ممن أثنى على الإمام محمد بن عبد الوهاب، وعلى علمه الوفير، وكتبه النافعة، وبالأخص كتاب التوحيد، وهذا بعض مما قاله العلماء في هذا الإمام الجليل والعالم النحرير:[٦]
وقد جاءت الأخبار عنه بأنه
وينشر جهرًا ما طوى كل جاهل
ويعمر أركان الشريعة هادمًا
-------------------------------
م. محمد الحصان
المصدر: سطور